فضاء حر

نعم للثورة والتغيير بأدوات محلية لا ببوارج أمريكية

يمنات
لن أبدأ حديثي بتذكير كل من يحرض ويسعى للتدخل العسكري الإقليمي أو الدولي في اليمن بالوطنية والقيم الإسلامية والعروبة والنخوة وغيرها من قيم المجتمع اليمني التي ترسخت على مدى عقود، سأخاطبهم بلغة العصر، لغة المصالح، علهم يستوعبون أن تلك الدعوات للتدخل الدولي ما هي الا كارثة ستأكل ما تبقى من اليمن، دولة وانسان وجغرافيا ومجتمع متماسك.
هلل البعض لبيان مجلس التعاون الخليجي الداعي الى فرض عقوبات على اليمن وإجراءات على أنصار الله بشكل خاص تحت طائلة الفصل السابع الذي يجيز استخدام القوة في حال امتنع الطرف المعني عن تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، وتناسا هؤلاء المأساة التي تعيشها سوريا بسبب ذلك التدخل الدولي والإقليمي في شؤنها، وتناسوا أيضاً كيف تحولت ليبيا الى صومال جديدة بعد قرارات مجلس الأمن التي صدرت بطلب من جامعة الدول العربية والعمليات العسكرية التي نفذها حلف الناتو.
القوى السياسية اليمنية التي تسعى لتدخل دولي في اليمن تكتب شهادة وفاة لتاريخها الوطني والنضالي، وتُثبت أنها شاخت ولم يعد لها ارتباط حقيقي بالمجتمع ولا تستطيع تبني أياً من مطالبه أو التعبير عن مصالحه والعمل على تحقيقها عبر تحريك الشارع، وتؤكد أنها تعبر عن مصالح ضيقة لبعض العجزة الذين يقودونها منذ عقود طويلة ويمنعون وصول العناصر الشابة الثورية الى قيادة تلك الأحزاب لتُنشط العمل فيها وتستعيد روحها الثورية وزخمها الشعبي.
هل تعرف تلك القوى أنها بذلك الاستجداء للبوارج الأمريكية والأطلسية للتدخل في اليمن انما يخدمون أنصار الله ويمنحونهم شهادة وطنية من أعلى مستوى، على اعتبارهم الجهة الوحيدة التي ترفض تلك التدخلات الأجنبية تحت ستار الأمم المتحدة؟.
لسنا مع أنصار الله في انقلابهم الأخير على العملية السياسية، وقد كنا سباقين لنقد ذلك الانقلاب وبعبارات واضحة وقوية وأكثر صراحة مما استخدمته بعض تلك الأحزاب والقوى التي تتوسل دول الخليج للضغط على مجلس الأمن للتدخل في اليمن، لكن على تلك القوى أن تعرف أن الكثير –ونحن منهم- من الذين يعارضون أنصار الله في انقلابهم سيكونون في مترس واحد معهم ضد أي تدخل إقليمي أو أجنبي، وفور انتهاء معركتنا مع الخارج سنعاود مهاجمة أنصار الله ونقدهم بسبب ممارساتهم أو أخطائهم وخطواتهم الانفرادية.
تحدثت كثيراً في مقالات سابقة عن ضرورة تشكيل تحالف وطني من القوى السياسية المعارضة للانقلاب، تحالف موجه ضد الخطوة الأحادية التي قام بها أنصار الله عبر اعلانهم الدستوري وما تلاه من خطوات وليس موجهاً ضد أنصار الله كتيار، ومتى ما عادوا الى الشراكة الوطنية واحترام وتطبيق كل التوافقات السابقة ينتهي دور ذلك التحالف، لكن يظهر أن تلك القوى التي تستدعي التدخل الأجنبي أصبحت عاجزة حتى عن تحريك الشارع أو الالتحاق به، وتريد أن ترى اليمن مسرحاً سورياً أو ليبياً أو عراقياً جديد.
لا تراهنوا على مجلس الأمن ولا على البند السابع، فقد راهن عليهم الرئيس المستقيل هادي من قبلكم حتى أصبح هو رهن الاقامة الجبرية، جربوا وراهنوا ولو لمرة على الشعب، لن تندموا، انزلوا الشارع وسننزل معكم، اعتصموا، اثبتوا على مواقفكم الرافضة للانقلاب على العملية السياسية والتوافق وسنثبت معكم، لكن عليكم أن تعرفوا أننا سنكون قبل أنصار الله في متارس الحرب والمواجهة إذا ما أوصلتم البوارج العسكرية الى الموانئ اليمنية.
عليكم أن تستذكروا فقط تاريخ الأربع السنوات الأخيرة، حيث استدعيتم الخارج ضد الرئيس السابق صالح، ووقف الجميع معكم دول الإقليم ومجلس الأمن والأمم المتحدة ومبعوثها في اليمن جمال بن عمر، وعملتم بشتى الوسائل على اصدار عقوبات ضد صالح الذي راهن على شعبيته وحزب المؤتمر، وفي الأخير عاد صالح الى اليمن وخرج بعضكم يجرون أذيال الهزيمة الى تركيا وقطر وغيرها من الدول.
لقد خابت أمانيكم وأفسدت روسيا والصين أحلامكم عندما لم يصدر القرار تحت الفصل السابع، وستخيب أمانيكم أكثر عندما تعرفون بديهيات السياسية الدولية وأولها أن الدول لا تحترم الا الأقوياء، ومصالحها تقتضي التعامل مع من له واقع في اليمن لا مع من يسكنون في فنادق قطر.
لقد خيبتم ظن الكثير فيكم، وأوصلتم قواعدكم وأتباعكم الى قناعة أن لا فائدة من مقاومة انقلاب أنصار الله “الحوثيين” الا عبر مجلس الأمن وبوارج الاسطول الأمريكي، وزرعتهم الهزيمة في نفوسهم، ونقلتم احباطكم اليهم فسحقاً لكم.
عن: الأولى

زر الذهاب إلى الأعلى